لكي يستثير الإمام العقل، يتلو على هشام في أول وصيته الآية القرآنية التي تبشر أهل العقل، وتصفهم بأنهم عباد الله الذين هداهم ربهم.
وإذا عرفنا أنّ العقل يُعْرَف بنفسه، لأنه النور الإلهي الذي يكشف للإنسان حقائق العلم فكيف يعرّفه غيره؟ أوَ يكون شيء أظهر من النور؟!
إذا عرفنا ذلك فإننا نعرف أهمية التذكرة، حيث إنّها تقوم بدور تنوير دفائن العقل، كما تحرّك فارة المسك حتى تتضوعّ.
وحديث الإمام-عليه السلام-يقوم بهذا الدور.. خصوصاً إذا قرأنا السياق القرآني قبل الاية حيث ينهى ربنّا عن اتباع الطاغوت، ويأمر بإجتنابه، والابتعاد عن إطار تأثيره الثقافي. يقول الإمام-عليه السلام-: إن الله تبارك وتعالى بشَّر أهل العقل والفهم في كتابه، فقال: (فبشّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أوُلوا الألبابِ)18.
ويتساءل البعض: من أين عرفنا أنّ الآية تبشر أهل العقل والفهم؟ يبدو ذلك من أمرين:
أولا: أنّ هؤلاء لا يأخذون الكلام على علاته، ولا يرفضونه تماماً، وإنّما يختارون الأحسن منه. وهل يختار الإنسان الأحسن إلاَّ بمعيارٍ عقلي؟
ثانياً: أن هؤلاء هم أُولو الألباب، ولبّ الإنسان عقله، وأصله فهمه. وكلمة أخيرة: إذا كانت من أعظم صفات المؤمنين التي يبشرهم الله بها صفة العقل واختيار الكلام الأفضل، فإنّ معنى ذلك أنّ ربَّنا سبحانه لا يطالب عباده بالاتباع المطلق للنص الذي يستمع اليه، بل الاتباع الواعي، وانتخاب ما يناسب كل فرد في زمانه وحسب ظروفه ومستواه
علاوي ستايل