جحا و القاضي
ذات يوم كان جحا يتسوق ، فجاء رجل من الخلف وضربه كفا على خده... فالتفت إليه جحا وأراد أن يتعارك معه ... ولكن الرجل اعتذر بشدة قائلا: إني آسف يا سيدي فقد ظننتك فلانا
فلم يقبل جحا هذا العذر وأصر على محاكمته ..... ولما علا الصياح بينهما اقترح الناس أن يذهبا إلى القاضي ليحكم بينهما ، فذهبا إلى القاضي ، وصادف أن ذلك القاضي يكون قريبا للجاني .... ولما سمع القاضي القصة غمز لقريبه بعينه ( يعني لا تقلق فسأخلصك من هذه الورطة ) .....
ثم أصدر القاضي حكمه بأن يدفع الرجل لجحا مبلغ 20 دينارا عقوبة على ضربه ...
فقال الرجل : ولكن يا سيدي القاضي ليس معي شيئا الآن.....
فقال القاضي وهو يغمز له أذهب واحضرها حالا وسينتظرك جحا عندي حتى تحضرها.....
فذهب الرجل وجلس جحا في مجلس القاضي ينتظر غريمه يحضر المال ولكن طال الإنتظار ومرت الساعات ولم يحضر الرجل , ففهم جحا الخدعة خصوصا أنه كان يبحث عن تفسيرا لإحدى الغمزات التي وجهها القاضي لغريمه . فماذا فعل جحا؟ قام وتوجه إلى القاضي وصفعه على خده صفعة طارت منها عمامته وقال له : إذا أحضر غريمي الـ 20 دينارا فخذها لك حلالا طيبا ، وانصرف جحا .
تكذبني و تصدق حماري
كان لجحا جار ثقيل، يكثر من الطلبات، فمرة يطلب من جحا أن يعيره طنجرة، ومرة يستلف منه نقوداً ثم يماطل في إعادتها إليه، ومرة يستخدمه في قضاء بعض الحاجات .
أما اليوم، فقد جاء ليستعير حمار جحا.
قرع الباب، وخرج إليه جحا، ورحب به، وسأله عن حاجته، فقال له جاره:
أنت تعرف- يا جاري العزيز يا جحا- حق الجار على الجار.
قال جحا:نعم.. أعرف.
قال الجار:وتعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى حتى سابع جار.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني رجل كبير السن.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني أشكو الألم في مفاصلي .
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني لا أملك حماراً أركبه لقضاء حاجاتي.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أن للجار على الجار وحماره.
قال جحا:الشق الثاني أهم من الشق الأول.
سأل جحا: لماذا؟
قال الجار:لأني أريد الذهاب إلى السوق، وأرجو أن تعيرني حمارك.
عندها أدرك جحا أن كل هذا اللف والدوران من أجل الحمار.
تلفت جحا حوله، وتنحنح، ورسم ابتسامة باهتة على شفتيه، ثم قال:
ولكن حماري ليس هنا يا صديقي.
سأل الجار:أين هو يا جاري العزيز؟
أجاب جحا:في البستان.. أخدته زوجتي أم الورد إلى البستان.
في هذه اللحظة، نهق الحمار، فقال الجار:
حمارك في البيت يا جحا، فلماذا تكذب عليّ؟!!
فعبس جحا وهو يقول:
ويحك يا جاري تكذبني وتصدق حماري..!!
أبو الأثلاث
تمدد جحا على فراشه، كان متخماً جداً، فقد أكل عند جاره حتى تورمت بطنه.. أكل دجاجة كاملة، وصحنا كبيراً من الأرز، بالإضافة إلى الملوخية، والبامية، وشرب منقوع الزبيب..
غط جحا في نوم عميق، وشخَّر شخيراً مزعجاً أيقظ زوجته أم الورد، فجلست في فراشها متعجبة من هذا الشخير الفظيع، ومن منظر جحا في فراشه.
جاءه رجل قوي البنية، وقيد يديه ورجليه، وانهال عليه ضرباً بالأيدي، ورفساً بالأرجل، ثم جاء بعصا غليظة، وضربه بها ضرباً موجعاً، وهو يقول له: إياك أن تأكل مرة أخرى كما أكلت اليوم
فسأله جحا: من أنت؟
قال الرجل: أنا أبو الأثلاث.
صاح جحا من شدة الألم، وصار يستغيث، ويعده بألا يأكل إلا كما يأمره.
قال أبو الأثلاث: ثلث لطعامك.
فأكمل جحا: وثلث لشرابي، وثلث لنفسي.
قال الرجل: هذا وعد؟
قال جحا في تأوه: هذا وعد، ولن أخلف وعدي هذا.. أرجوك..
توقف الرجل عن ضرب جحا وهو يهز عصاه.. ويقول: إذا نقضت وعدك، فالعصا موجودة.. والعصا من أين؟
أجاب جحا في وهن: من الجنة.. من الجنة.. ابتعد عني أرجوك..
عرفت أم الورد أن كابوساً فظيعاً قد ركب زوجها، فأشفقت عليه، وهزته بعنف.
انهض يا جحا.. مالك يا أبا الورد.. قم يا رجل..
استيقظ جحا من نومه: والذعر في عينيه، وهو يتأوه ويقول:
ماذا يريد مني؟ سآكل وآكل وآكل.. أنا أعرف ثلثي.. ثلثي هو ما يتسع له بطني من الطعام، أما الشراب، فيتسرب من بين اللقم، ويستقر في الفراغات التي بينها، وأما النفس، فلست أبالي إذا دخل وخرج، أو دخل ولم يخرج، أو خرج ولم يدخل.
كانت أم الورد تستمع إلى زوجها جحا وهو يحدث نفسه، فسألته:
مالك يا جحا؟ هل تحدث نفسك؟
هاتي لي أغلظ عصا في البيت.
سألته: لماذا ؟
قال جحا: حتى أكسر رأسه بها إذا عاد مرة أخرى ليحدثني عن الثلث.
قالت زوجته: من هو هذا الذي تتحدث عنه؟
قال جحا: أبو الأثلاث.. أبو الأثلاث.
انطلق جحا إلى عمود كبير في صحن الدار، ومدده إلى جانبه في الفراش وهو يئن ويقول: إن كنت رجلاً يا أبا الأثلاث، فتعال لأريك كيف يكون القتال.
جحا و الخروف
كان جحا يربي خروفا جميلا وكان يحبه ، فأراد أصحابه أن يحتالوا عليه من أجل أن يذبح لهم الخروف ليأكلوا من لحمه ...
فجاءه أحدهم فقال له : ماذا ستفعل بخروفك يا جحا ؟
فقال جحا : أدخره لمؤنة الشـتاء
فقال له صاحبه : هل أنت مجنون الم تعلم بأن القيامة ستقوم غدا أو بعد غد!ـ هاته لنذبحه و نطعمك منه ....
فلم يعبأ جحا من كلام صاحبه ، ولكن أصحابه أتوه واحدا واحدا يرددون عليه نفس النغمة حتى ضاق صدره ووعدهم بأن يذبحه لهم في الغـد ويدعوهم لأكله في مأدبة فاخرة في البرية.ـ
وهكذا ذبح جحا الخروف وأضرمت النار فأخذ جحا يشويه عليها ، وتركه أصحابه وذهبوا يلعبون ويـتنزهون بعيدا عنه بعد أن تركوا ملابسهم عنده ليحرسها لهم ، فاستاء جحا من عملهم هذا لأنهم تركوه وحده دون أن يساعدوه ، فما كان من جحا إلا أن جمع ملابسهم وألقاها في النار فألتهمتها . ولما عادوا اليه ووجدوا ثيابهم رماداَ . هجموا عليه فلما رأى منهم هذا الهجوم قال لهم : ما الفائدة من هذه الثياب إذا كانت القيامة ستقوم اليوم أوغدا لا محالة؟