يُعتبر القرقيعان أو القرقيعانة أو الكركيعان من أهم العادات الشعبية الرمضانية في بلدان الخليج و غيرها ، حيث تنتشر هذه العادة انتشاراً واسعاً في كل من الكويت و السعودية و قطر و الإمارات و جنوب إيران و البصرة و غيرها من مُدن العراق ، و كذلك غيرها من البلدان الإسلامية .
أما أبطال مهرجان القرقيعان فهم الأطفال الذين يجوبون الشوارع و الأزقة مبتهجين بهذه المناسبة الرمضانية التي توارثتها الأجيال ، و هم يلبسون الملابس الجديدة و التي قد تُخاط لهم خصيصاً لهذه المناسبة في بعض دول الخليج ، و يحملون معهم أكياساً يجمعون فيها الحلوى و المكسرات التي يحصلون عليها من أصحاب البيوت .
ما هو معنى قرقيعان ؟
هناك أكثر من قول في معنى " قرقيعان " :
القول الأول : أن " قرقيعان " لفظ عامي مأخوذٌ من قرع الباب ، و ذلك لأن الأطفال يقومون بقرع أبواب البيوت في هذه المناسبة فسُميت المناسبة بالقرقيعان .
القول الثاني : أنه مشتق من " قرَّةُ العين " و هو ما فيه سرور الإنسان و فرحه ، و منه قول الله عَزَّ و جَلَّ : { ... رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ... } .
مبدأ القرقيعان :
و سواءً كان القول الأول هو الصحيح أم الثاني فإن مبدأ القرقيعان يرجع إلى مولد سبط رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) الحسن بن علي ( عليه السَّلام ) ، حيث أن ولادته الميمونة كانت في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة المباركة .
نعم كان النبي المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ينتظر بفارغ الصبر أول وليد لبيت الرسالة و ما أن بُشِّر بولادته حتى أسرع إلى بيت فاطمة ( عليها السلام ) فرِحاً مسروراً ، ثم استدعى سبطه الحبيب ليشمَّه و يُقبلهُ و يؤذِّن و يُقيم في أذُنيه ، حينها نزل عليه جبريل ( عليه السَّلام ) ليُهنئه أولاً ، ثم ليقول له سمِّه حَسَناً ، فسماهُ حسناً بأمر من الله عَزَّ و جَلَّ .
و ما أن عَلِمَ المسلمون بخبر الولاة الميمونة التي فرح بها النبي ( صلى الله عليه و آله ) و أهل بيته ( عليهم السلام ) حتى توافدوا على بيت الرسول ( صلى الله عليه و آله ) يزفون إليه أحر آيات التهاني و يباركون له مولد سبطه الحسن ، و هكذا بقيت هذه العادة جارية في المسلمين حتى يومنا هذا .
أهازيج القرقيعان :
و للأطفال في مهرجان القرقيعان أهازيج و أشعار باللغة العامية يرددونها ببراءة طفولية كلما وقفوا على باب من أبواب محلتهم و حارتهم ، لكن هذه الأهازيج و الأشعار تختلف من بلدٍ إلى بلد .
أهازيج القرقيعان في الكويت :
قرقيعان و قرقيعان بين اقصير و رمضان
عادت عليكم صيام كل سنة وكل عام
يالله تخلي ولدهم يالله خلي لأمه يالله
عسى البقعة ما تخمه و لا توازي على أمه
و بعد الانتهاء من الأناشيد يتم توزيع المكسرات و الحلويات على الأطفال ، و توضع هذه الهدايا في أكياس معلقة برقبتهم تسمى بالخريطة .
أهازيج القرقيعان في الإمارات :
إنطونه حق الله
يرضى عليكم الله
جدام بيتكم دله
عسى الفقر ما يدله
فيحصلون على الحلوى ، و يقابلون بالتكريم و الاحترام .
أهازيج القرقيعان في بعض دول الخليج :
قرقع قريقيعان
عطونا الله يعطيكم
بيت مكة يوديكم
يا مكة يا معمورة
يا أم السلاسل و الذهب
عطونا من مال الله
يسلم لكم عبد الله
عطونا دحبة ميزان
يسلم لكم عزيزان
باب الكرم ما صكه
ولا حط له بوابة
أهازيج القرقيعان في بعض دول الخليج الأخرى :
عادت عليكم صيام
كل سنة وكل عام
ثم يشرعون بالدعاء إلى أهل البيت فرداً فرداً ، و يقولون :
الله يخلي راعي البيت آمين
الله يخلي ... آمين
و يذكرون أسماءهم ، فتخرج ربة البيت و تطلب منهم الإكثار من الدعاء قبل أن توزع عليهم الحلوى و المكسرات .
و في العراق تُسمى هذه العادة بالماجينة ، و لهم اهزوجتهم الخاصة .
أهزوجة الماجينة العراقية :
ماجينه يا ماجينه
حل الكيس و انطينه
انطونه الله ينطيكم
بيت مكة يوديكم
و إذا طال عليهم الوقوف ولم يخرج إليهم صاحب الدار يصرخون بأعلى أصواتهم :
يا أهل السطوح
تنطونه لو نروح
الحكم الشرعي للقرقيعان :
لا شك أن الإحتفال بهذه المناسبة التي تبعث النشاط و السرور في قلوب الأطفال جائزة ما لم يُخالطها مُحرَّم كما هو الغالب ، حيث أنها تعبِّر عن براءة الطفولة و صفائها ، خاصة و أنها بمناسبة مولد سبط الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) الإمام الحسن المجتبى ( عليه السَّلام ) ثاني أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
و الغريب أنه في الآونة الأخيرة بدأت بعض الجماعات المعروفة بتوجهاتها المعادية لأهل البيت ( عليهم السلام ) التركيز على مهاجمة هذه العادة بإعتبار أنها بدعة ، و عليه فهي غير جائزة .
و هنا لا بد لنا أن نقول أن البدعة هي الزيادة في الدين و جعل ما ليس في الدين داخلاً في الدين .
قال العلامة الطُريحي : البِدْعَةُ بالكسر فالسكون الحَدَثَ في الدين ، و ما ليس له أصل في كتاب و لا سنة ، و إنما سميت بدعة لأن قائلها ابتدعها هو نفسه ، و البدع بالكسر و الفتح جمع بدعة.
و من الواضح أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، حيث أننا لم نسمع بأن أحداً يعتقد بأن ما يقوم به الأطفال " القرقيعان " هو من الدين حتى يقال فيه أنه بدعة !
وكل عام وانتم بخير
دمتم بخير
منقول